ثورات الشباب في العالم العربي غيرت الفكرة السائدة عن مواقع التواصل الاجتماعي،شباب الفيس بوك يسقط عبارة «الجيل الضائع»

24‏/04‏/2011

 

لم يكن الشاب التونسي محمد بوعزيزي الذي أشعل النار في نفسه البطل الوحيد في ثورة الياسمين التونسية، بل كان مدعوما باتحاد جمهوريات الـ (فيس بوك وتويتر ويوتيوب) من الشباب الذي اتهم لفترة ظلما بانه جيل الضياع. فقد عملت جمهوريات الفيس بوك كوزير دفاع، ووزير إعلام له وللحركة الجماهيرية في الشارع التونسي، وأججت الغضب في نفوس التونسيين والعرب، والعالم الغربي، إذ نقلت هذه المواقع الاجتماعية إلى العالم تفاصيل الاحتجاجات، والممارسات القمعية للشرطة ضد المتظاهرين لحظة بلحظة، حتى أجبر الشعب التونسي رئيسه على الهروب إلى الخارج.. تكرر السيناريو نفسه مع ثورة ‬25 يناير في مصر، واتضح أن الجزء الأكبر من التحضير لتظاهرة ميدان التحرير يومذاك قد تم على مواقع التواصل الاجتماعي وفي غرف الدردشة.ما حصل في ليبيا أيضا، تم التحضير له على موقع «فيس بوك»، كما لعبت تلك المواقع ومنها «يوتيوب» دورا في كسر التعتيم الإعلامي على الانتهاكات الإنسانية التي نالت الشعب الليبي من قبل النظام.  وإذا كان بوعزيزي مات فإن اتحاد جمهوريات الـ (فيس بوك وتويتر ويوتيوب) حي يؤدي دوره في دعم جماهير تونس ومصر وليبيا والبحرين والعراق ولبنان واليمن، حيث تواصل مجموعات الـ«فيس بوك» من كل الدول العربية تقديم النصائح لهذه الشعوب ومساندتها حتى اجتياز أزمتها مما شجع على الحوار وتبادل وجهات النظر وبما يسقط عبارة الجيل الضائع إلى الأبد.
«البيان» استفتى مختصين في الإعلام، وعلوم الاجتماع، وحقق في القضية للوقوف على دور المواقع الإلكترونية وتحولها من مجرد مواقع للتواصل الاجتماعي إلى لاعب سياسي رئيسي في الساحة.. بل أصبحت الوسيلة الأسرع لمعرفة مجريات الأحداث وتطورها.
مصدر للصراع
بداية.. يرى د. سامي عبدالعزيز، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة، أن تطورا خطيرا طرأ على الشبكة الاجتماعية المعروفة بالـ«فيس بوك» منذ عدة أعوام، وبدلاً من أن تكون وسيلة للتعارف والتواصل الاجتماعي تحولت إلى مصدر للتحرر في العديد من البلدان العربية وعلى رأسها مصر، حيث باتت تلك الشبكة (مأوى) للمعترضين وساحة لعشاق المعارضة، مشيرا إلى أن حركة ‬6 أبريل المعارضة في مصر، هي المولود الأول من رحمها، فاضطرت وزارة الداخلية إلى إنشاء جهاز كامل لملاحقة واختراق الجماعات المتزايدة على تلك الشبكة، لكنه لم يؤثر في المجموعات التي رفعت لواء التغيير.
وأشار عبدالعزيز إلى أنه بالرغم من ظهور مواقع أخرى تنافس الـ«فيس بوك» بقي هذا الموقع يسيطر بقوة على عقول الشباب والكبار، وأصبح أكبر مصدر لجذبهم للقراءة في قضية معينة وإبداء الرأي، فيما يعتبره المحللون السياسيون «ظاهرة اجتماعية»، فهو شارك في صنع مستقبل البلاد بجانب أنه وسيلة ترابط وتواصل اجتماعي.
الثورة والتمرد والمطالبة بالشفافية والحقوق
لكن د. محمود علم الدين رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام يرى أن الفترة المقبلة ستجعل التكنولوجيا الحديثة مسؤولة عن صياغة عقول الشباب، خاصة مجموعات الـ«فيس بوك» التي تعتبر ساحة للتعبير عن الخواطر والمشاكل والإحباطات والأحلام المستقبلية من خلال أفكار متنوعة تجتمع على قضية واحدة، ويتجلى ذلك في الاحتجاجات التي يفرضها سوء الواقع الاجتماعي والاقتصادي في معظم الدول العربية، خاصة النامية مثل مصر وتونس والأردن واليمن، فبدأ موقع الـ «فيس بوك» يزخر بآلاف المجموعات وربما الملايين، التي تفشل في التواصل مع الأحزاب والمنظمات والقوى السياسية فيما يتواصلون مع بعضهم البعض مكتفين بآرائهم فقط، ويظلون في عزلة عن معرفة الحقائق.
لكن في المقابل تفرض هذه المجموعات واقعاً عنوانه «الثورة والتمرد والمطالبة بالشفافية والحقوق» وأصبح من أهم أولوياتهم الكبرى المطالبة بالإصلاح وحماية المال العام وتوزيع الثروة ومكافحة الفساد وحماية الحقوق الخاصة والعامة، وهذا ليس عيباً في شاب يريد مجتمعاً نظيفاً.
وأوضح أن المجتمعات الصحية هي التي تقبل شباب الـ«فيس بوك» بأفكارهم الجريئة ورؤيتهم الحالمة فتنقل لهم الخبرة من خلال المؤسسات السياسية والاقتصادية والنقابية ومنظمات مجتمع مدني لها جذور اجتماعية وشعبية فيصبحون أكثر عقلانية وتتحول طاقاتهم الاعتراضية والتخريبية إلى طاقة إبداع وتطوير، ويتطور بسببهم المجتمع وتتبدل ملامحه ويصبح أكثر مرونة ويقبل الرأي والرأي الآخر، بعيداً عن صرخات الإصلاحيين. (

إرسال تعليق

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))