شباب فلسطين..غرّدوا على تويتر فسمِع الغرب أصواتهم!

29‏/11‏/2011

توتير
من منا لم يسمع عن "تويتر" خصوصًا بعدما هبت رياح الثورات على البلاد العربية؟ "تويتر" هو الرجل الفعّال في العالم الافتراضي الذي أسهم في توحيد أبناء الشعوب العربية والحشد لثوراتهم.. لا بل ويعد أحد أهم مواقع الشبكات الاجتماعية، كونه يتيح خدمة التدوين المصغر بحد أقصى 140 حرفًا للرسالة الواحدة.. حيث تظهر هذه الرسائل في صفحة الشخص المستخدم وتمكن أصدقاءه من قراءتها وإعادة نشرها مرة أخرى..
وهذا ما استطاع بعض "شباب فلسطين" في الضفة الغربية وقطاع غزة استثماره في الوصول بقضيتهم إلى العالم بأسره بعدما حجزوا لأنفسهم مكانًا في ذلك الفضاء الإلكتروني.. فعبروا عن واقعهم واستطاعوا أن يصلوا به "وااااضحًا" بكل عفوية وبساطة..
أنقذتها "التكنلوجيا"!



صفاء الخطيب التي تقطن - كفر كنا- كانت واحدةً من هؤلاء الشباب إذ استغلت ميزات "تويتر" في كشف لبسٍ تعاني منه هي ومئات غيرها من سكان الأراضي المحتلة عام 1948م حيث اتهمت عشرات المرات بـ "العمالة لإسرائيل"!

تعرضت صفاء للعديد من المواقف المحرجة، ولم تسلم من السباب في بعض الأحيان، وذلك بمجرد تعريف نفسها على أنها من "فلسطينيي الداخل المحتل"، فما كان منها إلا أن أنشأت "هاشتاج خاص" يعنى فقط بالتعريف بماهية فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948، وما يتعرضون له من قمعٍ من قبل قوات الاحتلال بشكلٍ يومي.. لتجد وخلال وقتٍ قياسي آلاف الأسئلة تنهال عليها تريد المزيد من المعلومات حولهم وحول حياتهم مع اليهود داخل القرى والمدن المحتلة.

و(الهاشتاج) لمن لا يعرفه، خدمة يوفرها موقع تويتر لتسهل الوصول إلى "التغريدات" حول موضوع معين.
صحيفة "الشباب" التقت صفاء التي أكدت أنها أنشأت هذا الهاشتاج"Pls48" لتعريف الناس بفلسطينيي الداخل، من هم؟ كيف يعيشون بين اليهود؟ معاملات اليهود معهم.. وكذلك لبعض المواقف التي حصلت معها شخصيًّا بعد أن اتهمت بالعمالة ككل فلسطينيي 48 لأنهم لم يهاجروا عام النكبة، مشيرةً إلى الحجم الكبير من الدهشة رأته في تعليقات كل من تعرض لرسائلها خصوصًا لما عرضته من معلومات حول قضية التجنيد والهوية (..) "وعدد هائل آخر أعاد نشر التغريدة "ريتوييت"".

أحداث.. وعمل

أما إبراهيم الزيناتي –وهو من أوائل الناشطين الفلسطينيين في موقع تويتر- فقال: "يوجد أكثر من هاشتاج خاص بفلسطين، وحينما يكون هناك حدث طارئ شبيهٌ مثلاً بذاك الذي يخص الاعتداء على سفينة مرمرة، نجد عددًا كبيرًا من التعليقات تنشر على تويتر، تنقل الأحداث أولا بأول مما يجعلك تتابع ردود الأفعال بشكل سريع"، لافتًا النظر إلى أن "تويتر" ساعد الشباب الفلسطيني على تفريغ الضغوطات التي يتعرضون إليها عبر "تغريدات" تعبر عن الواقع الذي يعيشونه.

إبراهيم لا يستخدم "تويتر" فقط في الحديث عن القضايا الفلسطينية، فهو أيضًا يكتب ويعيد نشر ما يتم كتابته عن الثورات في البلاد العربية الأخرى.

وفي إحدى تغريداته وجدناه يتحدث عن تدوير النفايات الصلبة واستخدامها كسماد عضوي، وحينما سألناه عن سبب تواجدها هنا قال: "أحيانًا استخدم تويتر في الحديث عن أمور تتعلق بعملي للاستفادة من خبرات الآخرين من خارج فلسطين".

أوضاع فلسطين وتقاليدها..

من جانبها تحاول علا عنان (المدونة والناشطة على تويتر) أن تطرح مواضيع متنوعة بحسب ما تتطلبه كل فترة زمنية، لكن أغلبها يتخذ طابعًا تعريفيًّا عن أحد أمور الحياة سواء الاجتماعية أو السياسية في فلسطين وفي غزة تحديدًا، ذاكرةً لـ "الشباب" بعض هذه الموضوعات كمعبر رفح والحصار والانقسام الفلسطيني أو نقد لاذع لبعض العادات الاجتماعية الخاطئة التي أكل الدهر عليها وشرب".

وتشعر علا بالفخر لما استطاعت أن تحققه مع بعض المغردين في كسب عدد كبير من المؤيدين لفلسطين، خصوصًا في أوقات القصف أو التصعيد العسكري، قائلةً: "كان العديد من النشطاء ينقلون الأخبار العاجلة ويتابعون أماكن حدوث القصف ومن ثم يترجمون هذه الأخبار إلى اللغة الانجليزية، والبعض الآخر كان يتابع أعداد الشهداء والجرحى بشكل مستمر (..) في تلك الفترة كنت فعلاً سعيدة بالتأثير الذي نجحنا جميعًا في إحداثه، لا بل وزيادة عدد المتعاطفين والمناصرين للقضية الفلسطينية بشكل عام".

غرّد بوعي!

أما الناشطة على موقع "تويتر" ياسمين الخضري، فنبهت الشباب إلى ضرورة الوعي بما يكتبون على موقع التواصل الاجتماعي، واختيار الكلمات الدقيقة التي تسهم في نقل الأفكار بشكل واضح للجمهور، قائلة: "نريد كلمات تخرج من الجرح، نعبر عن أنفسنا بلغة بسيطة يفهمها الجميع".

وحثت الشباب الفلسطيني على أهمية تجنب الألفاظ البذيئة والابتعاد عن استخدام التعبيرات غير اللائقة، أو الخوض في أمور شخصية لا تفيد المجتمع الخارجي، وتظهر صورة سيئة للمجتمع الفلسطيني.

وتتابع: "حينما انقطعت شبكة الإنترنت عن قطاع غزة لمدة يومين، استطعت الدخول إلى شبكة الانترنت لامتلاكي جهاز البلاك بيري، فكان الكل يريد الحديث معي والتعرف على الوضع القائم، وتلقيت عددًا كبيرًا من الأسئلة عن غزة عبر موقع تويتر، وكنت أصف الأوضاع وألاحظ أن المتابعين يقومون بإعادة نشر رسائلي بشكل كثيف".

كتابات ياسمين باللغة الإنجليزية على تويتر جذبت عددًا كبيرًا من الجمهور الأجنبي الذي يهتم بمعرفة الأوضاع في غزة.

بين الكم والكيف

بينما المدرب والناشط في مجال الإعلام الجديد خالد الشرقاوي حث المشاركين في تويتر على تسخير هذه الخدمة في الدفاع عن القضايا الفلسطينية، داعيًا الشباب إلى عرض وجهات نظرهم المختلفة بتلقائية وبعيدًا عن التعقيد والتزمت.

وقال: "جمهور تويتر لا يبحث عن نفس المعلومات، وأخبار الأحداث الجارية بفلسطين كما تتناولها وكالات الأنباء، بل يريد أن يسمعها منك كفرد بسيط ورأيك سيؤثر بهم بشكل كبير"، معتقدًا بوجود ضرورة ملحة لنوعٍ من التشبيك بين المغردين من خلال التعاون فيما بينهم، بإعادة نشر التغريدات حتى يصبح هناك نوع من المشاركة ويزداد عدد المتابعين للقضايا الفلسطينية.

وأرجع الشرقاوي شح مشاركات الشباب الفلسطيني على موقع "تويتر" حيث إنه لا يتجاوز ال5% إذا ما قورن بنسبة مستخدمي (الفيس بوك) لعدة أسباب، منها: أن واجهة الموقع لا تدعم اللغة العربية، إضافة إلى أنه لا يتيح التعبير عن الأفكار إلا بعدد قليل من الأحرف مما يستلزم جهدًا خاصًّا من المشترك.

وتحدث الشرقاوي عن الشباب الفلسطيني المستخدم لموقع تويتر بقوله: "الطبقة التي تستخدم موقع تويتر في مجتمعنا هي طبقة مميزة، لأنها إما متخصصة بالتكنولوجيا أو يمارسون مهنة الصحافة أو متخصصون وجامعيون"، مضيفًا: "حجم التغريدات الموجود ممتاز خاصة الذي هو باللغة الإنجليزية".

وأردف: "بعد الثورات في البلاد العربية أصبح هناك ازدياد في أعداد المستخدمين لتويتر من قبل المؤسسات والأفراد كونهم أدركوا أهميته وسرعته في نشر المعلومات والأخبار وحتى الأفكار"، معتبرًا أن تويتر نجح في تقريب المسافات بين الشباب الفلسطيني في شطري الوطن، خاصة من خلال خدمة (الهاشتاج) التي تسهل عملية معرفة مكان المغردين عندما يرسلون تغريدات عن مدنهم أو الأوضاع القائمة فيها.

كعادته الشباب الفلسطيني لا يمل البحث عن أفضل الطرق وأوسعها انتشارًا، محاولا اختراق حاجز الصمت، ليبرز هويته الفلسطينية ويسجل حضوره بقوة في فضاء العالم الافتراضي كما هو على الأرض، لاسيما أنه لا يكتفي بنقل الحدث فقط بل يسعى لإبداء وجهة نظره ومشاركة الآخرين فيها..

إرسال تعليق

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))