قصتي وحرب غزة | ملخص شاهد عيان
28/12/2011
فلسطينيات
اليـــوم | السبت
التاريخ | 17/12/2008م
الزمان |11:30am
من البيت للمدرسة والعودة !
زي هذا اليوم بالضبط لكن قبل 3 سنوات الساعة 11 صباحاً لبست أواعي المدرسة وأفطرت ورحت ع المدرسة ، كان يومها عندي حصة إضافية يعني قبل الدوام لانو كنا في فترة مراجعة لامتحانات نهاية الفصل الأول ، فتت ع الصف وكان الأستاذ / رائد المقيد بيستني بباقي الطلاب حتى يجو عشان يبدأ الحصة !
كنت قاعد جنب الشباك وبنحكي أنا وصاحبي طارق عن شو بدنا نساوي بالامتحانات اللي صارت ع الباب !
فجأة ... وبدون سابق إنذار ؟؟ حسيت المدرسة قامت وقعدت ! .. وصاروا الطلاب كلهم يصرخوا بصوت عالي ، المدرس تفهم الأمر بسرعة وفتح باب الصف وقلنا انزلوا .. وأنا باطلع من المقعد ، الشباك اللي كان جبني طار ونزل شقف ع الأرض ونزلنا بسرعة وتجمعنا في ساحة المدرسة وشفنا الطيارات بالجو ؟ المدير والمدرسين ما رضيوا يطلعونا خايفين يصير النا اشي لأنو كانت المدرسة ابتدائي وإعدادي وبعد 5 دقائق شاف القصف حمي ! .. قلنا روحوا ع البيوت عدل ؟
روحنا بسرعة بس مش ع البيت ! ؟ رحنا ع الشارع العام انا وطارق وعلى وعبد الله نشوف شو القصة ! وحينيتها لسا كان القصف شغال ومن كل فج وميل من كتر الصواريخ اللي نزلت في اللحظة الاولى طبلة الدان عندي سكرت وصرت شبه مش سامع منيح ! .. مشينا من عند الشارع العام والناس شاردة وطالعة من البيوت والمدارس وحركة السيارات مكهربة ع الآخر ومحدش فاهم شو القصة !. في هذي اللحظة شفت أبشع منظر بحياتي وكنت أول مرة بشوف منظر زي هيك ! كان شحن كبير جاي من طريق موقع الشرطة ( الـ 17 ) هيك كان اسم الموقع ، ومحملين بالشحن ما يزيد عن 25 جثة وناس ممزعة ومقطعة و من سرعة الشحن صارت قطع من اللحم تنزل ع الأرض ، ولسا الصواريخ ما خلصت !.
صحيح الشعب الفلسطيني متعود ع القصف والخبط والرقع لكن هذي المرة غير .. كل مرة صاروخين يا ثلاثة ويستشهد من يستشهد ويجرح من يجرح وتستمر الحياة ! ( هيك حياتنا بغزة ) ، لكن هذي المرة الصواريخ متواصلة ولا دقيقة سكتن ، وصلت البيت بسلام والحمد لله وفي طريقي للبيت سمعت ما لا يقل عن 30 صاروخ متنوعات في ( إف 16 ) وفي ( أباتشي ) وفي ( زنانة ) وفي ( أرض أرض وأرض جو وبحر أرض ) ... الخ
ولما وصلت البيت لقيت إِمي واخواتي الصغار قاعدين بيبكوا وكل الجيران طلعوا ع الشارع عشان بيتنا في منطقة كلها شجر وبيارات وأراضي ومنها بيطلقوا صواريخ المقاومة الفلسطينية كانوا خايفين يقصفوا البيارات فطلعوا ع الشارع ، وبابا كان لسا بالشغل ، بيشتغل بغزة وجنب شغلو بالضبط مبنى وزارة الداخلية حاولنا نتصل فيه كتير لكن ما في شبكة اتصالات .وبعد ساعتين توتر وقصف وقلق ع الوالد وصل الوالد بسلام للبيت ! وبدأت الرحلة .
طبعاً زي ما قلت فوق انو بيتنا بمنطقة مستهدفة اضطرينا نخرج منو للأسف لمنطقة أكثر أمان مع انو كل المناطق كانت مستهدفة لكن مكان عن مكان بيفرق ! هيك الوالد كان شايف .. المهم خرجنا ع منطقة اسمها ( الصفطاوي ) هناك بيت خالي أبوعمار واستقرينا بالشقة اللي تحت عند ستي الحجة إم ياسر الله يطول عمرها . وعشنا هناك 22 يوم وفي يوم بيتناه بالحارة ! كل يوم كنا نشوف الموت بطريقة مختلفة ، وأحيانا كنت اروح أنا وأخوي الكبير ع بيت عمتي اللي بالمخيم ، وكنا نبيت الليل هناك ونروح بالنهار ع البيت لحد ما تغيب الشمس ونرجع وكل يوم ع هالحال كل واحد يشيل الحرام تاعو عشان يتغطى فيه من البرد الي كان مجتاح غزة بالتزامن مع الحرب , موقفنا كان زي موقف المهجرين في التغريبة الفلسطينية .
طبعاً كثر كلمة كنا نرددها أيام الحرب هي ( الله يرحمو ) لإنو كل يوم كنا نسمع خبر اربعة يا خمسة من اللي بنعرفهم استشهدوا ، ومرت علينا كتير مواقف بذكر منها :
1/ لما نزلت قذيفة فسفور ع أهلي ، كانوا الأهل يومها رايحين ع دار خالي عشان يناموا الليل عندهم بس انا واخوي الكبير ما كنا معهم ، وهم في الطريق نزلت عليهم قذيفة فسفور أبيض " محرم دولياً " القذيفة نزلت عليهم بشكل عمودي ولكن بحمد الله ما تصاوب حدا منهم ونجوا بأعجوبة .
2/ يوم قصف مدرستي ، في يوم 6/ يناير /2009م بعد صلاة العصر قصفت الطيارات مدرستي مدرسة الفاخورة أكيد كلكم سمعتم عنها وأنا وانا كنت يومها بعيد عن المدرسة مسافة 5 دقائق فقط ، كنت بأسمع أخبار ع الراديو أول ما سمعت انو بالمدرسة بسرعة رحت ع المدرسة ولسا ما كان الإسعاف واصل وشفت منظر عمري ما بأنساه لحد ما أموت ، شفت صحابي عصام وعاهد وبشار ومصطفى وعماد ، كانوا مجرد أشلاء و قطع وشفت كمان منظر رأس الطفلة لينا السيد كانت رأسها مقطوعة وظل منها بس جذور كان مشهد مؤلم جداً جداً أكيد كلكم شفتوه ع التلفزيون .
3/ في جنازة شهداء الفاخورة ، يوم 7 يناير بعد قصف المدرسة بيوم صلينا الظهر بساحة مدرستي وصلينا بعدها ع الشهداء وكان عددهم 45 شهيد ورحنا ع المقبرة حتى ندفنهم وأكثر مشهد كان مؤثر وما بأنساه لما أبو صاحبي عماد أبوعسكر دفن أولادو الاثنين خالد اللي كان متجوز قبل الحرب بأسبوع وعماد ! دفنهم الاثنين بقبر واحد لانو ما كان في قبور كافية .
4/ أول يوم بالحرب راح الوالد وخالي أبوعمار وخالي أبو أسامة ع مستشفى دار الشفاء بغزة عشان يتبرعوا بالدم لأنو ناشدوا ع الراديو إنو بدهم كميات من الدم ، كان حينيتها لسا الشهداء ع الأرض بالعشرات ، ويومها صور خالي مقطع من الشهداء بالجوال كان مقطع مأساوي ولا يوصف ! واحنا ما كنا نشوف ع التلفزيون كتير لإنو ما كان في كهرباء .
5/ صورة شفتها ع التلفزيون لكلب – أعزكم الله – بينتش بلحم طفل صغير بمنطقة العطاطرة .
6/ اليوم الوحيد اللي نمنا فيه بالحارة نامت كل الحارة بعمارة وحدة لجيرانا من دار عفانة وكان عندهم بدرم ( مبنى أرضي ) كان كل بنات ونساء الحارة فيه تحت والشباب والرجال كانوا فوق وأنا كنت معهم الساعة 2 بعد نص الليل كنا قاعدين بنتخرف عن شو ممكن يصير بعد الحرب أو إلى متى ؟ والا بصوت قصف قريب كتير كتير فتحنا الشباك نشوف وين كانوا اليهود راميين بالحارة قنابل غاز وقنابل بتعمل على عدم الرؤية ، بش شفنا في نيران مولعة وكانت قوية ، اتصلنا ع الدفاع المدني سألنا شو اسم المنطقة ولما عرف قلنا بقدرش آجي لإنو المنطقة اللي انتوا فيها منطقة أمنية مغقلة واذا في شباب في المكان أو رجال خليهم يطلعوا بسرعة ؟؟؟؟؟؟ نزلنا ع الشارع ومش شايفين حاجة ومسكنا ايدينا مع بعض كنا حوالي 15 واحد مشينا مع بعض عشان الزنانة تفهم انو احنا مدنيين وما تقصف مع انو كل القصف كان للمدنيين وعن طريق جهاز اللاسلكي تواصنا مع جارنا سواق إسعاف كان مداوم في المستشفي ولما طلعنا ع الشارع العام وصلنا بالإسعاف لمكان آمن .
مواقف طريفة في الحرب
كعادتنا الشعب الفلسطيني وخاصة أهل غزة بنصنع الفرح من رغم الألم والموت ، ومرت علينا بعض المواقف المضحكة والطريفة نوعاً ما منها .
1 / الأطفال الصغار كانوا لما يسمعوا صوت الصاروخ يتشاجروا مع بعض ع شو نوع هذا الصاروخ كل واحد يقول شكل واحد يقول أباتشي وواحد يقول إف 16.
2/ خروج بعض الفكاهات على ألسنة الناس زي ( اللي ما أخد يورو جايه دورو )
3/ حفاضات جنود العدو اللي شفناهن بعد ما انسحبوا اليهود لانهم جيش جبان .
4/ في ناس كانت فرحانة ع الرصيد المجاني اللي نزل لأجهزة الجوال :)
الحرب صارت بإرادة الله وكل شيء كتبو الله سبحانه وتعالي إلنا لازم يكون فيه خير إلنا حتى لو الضرر كان أكثر ، الحرب علمتنا كتير وبدي اقولكم أنا شخصياً شو استفدت منها .
1/ زاد حبي لفلسطين وكرهي لليهود وتيقنت إنو اليهود عمرهم ما كانوا دعاة سلام .
2/ عرفت شو يعني تحب الناس و معنى التكافل الاجتماعي والخوف ع بعض.
3/ عرفت حقيقة الأنظمة العربية ، ومين من القرايب بيقف معك ومين منهم ( نذل ) زي عمي يعني .
4/ تابعت الأخبار واهتميت بالسياسة كتير.
5/ تعرفت ع عدد كبير من أنواع الصواريخ وصرت أعرف شو نوع الصاروخ من مجرد ما أسمع الصوت.
6/ كسرت حاجز الخوف من الكلام قدام الإعلام لأني طلعت ع كتير فضائيات ونقلت هم فلسطين.
7/ تجسدت قدامي معنى كلمة ( الوحدة الوطنية ) لما يكون كل الناس مع بعض فش بينهم فتح وحماس وغيرو كلو فلسطين وبس .
7/ زاد حبي للمقاومة الفلسطينية لأنها بجد كانت زي الأسود وخبطت ع راس اليهود .
بعض الصور والفيديوهات
بعض الصور والفيديوهات
احصاءات وأرقام شهداء وجرحى الحرب على غزة مع رسم بياني وتوزيع جغرافي والفئات العمرية ( اضغط على الصورة للتكبير ) |
أسماء شهداء مجزة الفاخورة مكتوبة على جدران المدرسة |
صلاة الجنازة على شهداء مجزرة مدرسة الفاخورة ! كنت أبكي وقت الصلاة و أمامي 5 من أبناء صفي أصلى عليهم :( |
طلاب الصف وملامح الحزن تقتلهم ! على فراق أصدقائهم . |
زميلي الشهيد عاهد يعلق سلسلة في عنقه تحمل صورة أبيه الشهيد |
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
إرسال تعليق
(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))