" إم عيون زرقا "

27‏/10‏/2015

الساعة العاشرة والنصف ليلاً، و ها أنا أكتب من أحد مقاهي رام الله القديمة، و في يدي أرتشف كوباً من " النسكافيه " الساخن، و صوت صباح فخري يصدح في أجواء المقهى على أغنية " خمرة الحب " لكني لم أندمج معها و لم أطرب بها، لأن هناك ما يشغل تفكيري، حقيقةً لا أدري ما هو بالظبط، لعلها تلك الفتاة صاحبة العيون الزرقاء التي كانت تجلس بجواري في الباص الواصل بين مدينة أريحا و مدينة رام الله كانت نظراتها غربية بعض الشئ أحسست بأنها كانت مرتبكة من شئ لكني لم أعرف ما الذي كان يربكها، أخرجت هاتفها من حقيبتها المزخرفة بألوان علم فلسطين ﻻزلت أذكر حقيبتها كانت مطرزة بانتقاء و كأنها مرسومة كلوحة فنية، و بدأت تتفحص هاتفها ثم أخرجت سماعات الهاتف و وضعتها في أذنها و بدأت تستمع إلى أغنية ما ، قتلني فضولي أردت أن أعرف اسم الأغنية التي تستمع إليها تلك الفتاة صاحبة العيون الزرقاء، خطفت نظري بسرعة لشاشة هاتفها ﻷرى ما تسمع إليه لكني لم أستطع رؤيتها، بالصدفة لمحتني بطرف عينيها و أنا أنظر لهاتفها كلص يتسلل لسرقة شئ ما، فشعرت بالخجل و أخذت أنظر من نافذة الباص إلى الطريق و كم من الوقت متبقي لنصل إلى موقف الباصات برام الله ، ﻻحظت علي أنني خجلت فحاولت تلطيف الجو بسؤالها لي كم الساعة الآن، مع العلم بأنها تستطيع أن تعرف التوقيت بدون سؤالي و ذلك عن طريق هاتفها ، أعتقد أنها فعلت ذلك لإطراء الجو أو لمحاولة إدراك الموقف، و بعدها تفاجأنا و إذ بسائق الباص يوقفه على أحد الحواجز الاسرائلية على الطريق عند مستوطنة بيت إيل و تعتبر هذه المستوطنة من أكبر مستوطنات الضفة الغربية و تعد هذه النقطة من أشد النقاط احتكاكا باليهود نظراً لكونها مجاورة لمخيم الجلزون أي أنها أكثر عرضة لحدوث المظاهرات، ثم تقدم ذلك الجندي اللعين نحونا و طلب من السائق بأن يفتح باب الباص و صعد إليه، ثم بدأ ينظر إلينا نظرات احتقار و قال للشبان الجالسين في آخر مقعد بالباص بأن يخرجوا بطاقات هواياهم و أخذ يتفحصهن، ثم أرجعهن للشبان، و نزل من الباص و سمح للسائق بالتحرك و مواصلة الطريق، لعله كان يبحث عن شخص معين .
في الضفة الغربية أصبحت الحواجز الاسرائلية روتيناً يومياً مملاً للفلسطينيين، و توضع على الطريق حسب مزاج الجنود الإسرائيليين، و ذلك للتضييق على الفلسطينيين و تنغيص حياتهم. و أخيراً وصلنا لموقف الباصات في مدينة رام الله و بدأ الركاب بالنزول، ثم وقفت الفتاة التي كانت تجلس بجواري لتنزل من الباص، و قمت ﻷنزل و إذ بي أتفاجأ بأنها نسيت محفظتها على المقعد، فأخذت المحفظة و ذهبت مسرعاً لأبحث عنها فلم أجدها ضاعت بين زحام المارة و كأن الأرض انشقت و ابتلعتها، هي كذلك مدينة رام الله تعج بالناس خصوصاً وقت الذروة أي وقت الظهيرة، أخذت المحفظة و أكملت طريقي لعلي أصدفها . .

إرسال تعليق

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))